الأحد، 27 سبتمبر 2009

يالله .. لا رب لي سواك..

بسم الله الرحمن الرحيم

من محاضرة للشيخ حبيب..

قال الإمام العسكري (ع)، عندما أراد أن يقدم للناس إنسانا هو أورع الناس، وأعبد الناس، وأزهد الناس، وأشد الناس اجتهاداً-ما مضمونه-: (أورع الناس من وقف عند الشبهة، وأعبد الناس من أقام على الفرائض، وأزهد الناس من ترك الحرام، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب).. فلو أردنا أن نجد شخصية بهذه المواصفات، فإنه يتبادر مباشرة إلى الذهن إنسان يعيش في صومعة، صائم في النهار، وقائم في الليل، وتارك للدنيا، لا هم له إلا أن يعبد رب العالمين العبادة الظاهرية.
ولكن الإمام العسكري (ع) يقول: (أورع الناس من وقف عند الشبهة).. كأن يرى الإنسان طعاماً مشتبهاً فيتركه، أو يرى حديثا مشتبها فلا يستمعه.. فإن هذا الإنسان من أورع الناس.
ومن أعبد الناس؟.. (أعبد الناس من أقام على الفرائض).. ما دام العبد يقوم بالفرائض بشكل متقن قلباً وقالباً: كالصلوات في أول الوقت، وبخشوع في الحد الأدنى، فهو من أعبد الناس، ولو لم يقم بركعة واحدة من النوافل.. فكم الدين سهل!.. وكم المعاملة مغرية!.. وكم الطرح سهل ويسير؟!..
(وأزهد الناس من ترك الحرام).. فليس الزهد أن لا تملك شيئاً، بل الزهد أن لا يملكك شيء.. وكلمة الزهد تجرنا إلى حياة بعض المتصوفة، الذين كانوا يعيشون أشد صور المعيشة اليومية.. ولكن الإمام العسكري (ع) يقول: بأن (أزهد الناس من ترك الحرام)، فحسب!..
و(أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب).. إن ترك الحرام، وترك الذنوب معنيان متقاربان، ولعله يأتي من يقول: بأن المراد من الذنب هنا، ما لا يرضي رب العالمين.. فيصل الإنسان إلى درجة لا يفرق بين المكروه وبين الحرام، لأن الصفة المشتركة بين الحرام والمكروه، بغض الله عز وجل لهذا الفعل، سواء كان إلزاميا، أو لم يكن إلزاميا.
فإذن إن هذه هي سياسة الشريعة في طرح الدين في ثوب ميسر جميل، يمكن أن يطاق للجميع: الوقوف عند الشبهة، والإقامة على الفرائض، وترك الحرام، وترك الذنوب.. ولكن ذلك يكون بقول مطلق، وفي مدة مطلقة، في كل الأزمان، لا في زمان دون زمان.. أي ليس في مرحلة من مراحل العمر.. وإنما يأخذ الإنسان هذا القرار المصيري، منذ تكليفه إلى لحظات انتقاله إلى المليك الأعلى.. فما أيسرها من معاملة، لمن أراد أن يتقرب إلى ربه!..



اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم .. واغفر لي وارحمني واقضي لي حاجتي وصبرني وقويني..فلا رب لي سواك ..وانت تعلم بصدقي .. ويقيني .. بك بأن لا رب لي غيرك وأنك لا يرد سائلك ولا يخيب آملك فمن أغرقني بالنعم بدون أن أطلب .. كيف يطردني من بابه أو يخيب أملي عندما أطلب وأدعو وهو القائل في كتابه "ادعوني استجب لكم" وقد دعوت وانا على ثقة تامة بإجابتك..فأنت أكرم الأكرمين وأجود الأجودين .. يا سريع الإجابة يا رب العالمين.